.gif)
.jpg)
أغشوركيت ( آراء ) : إن سوء إدارة شركتي سوملك وشركة المياه وتكرار الانقطاعات في خدماتهما الأساسية يجعل منهما خطرًا مباشرًا على الأمن القومي الموريتاني. فالكهرباء والماء ليسا مجرد خدمات، بل هما شريان الحياة للاقتصاد والمجتمع، وأي خلل فيهما يشل المستشفيات والموانئ والمطارات والمصانع، ويخلق بيئة خصبة للاحتقان الاجتماعي والاضطرابات. وما نعيشه اليوم من انقطاع للماء دام أكثر من أسبوعين متواصلين – ولا يزال مستمرًا – هو دليل حيّ على حجم الكارثة، ويكشف هشاشة البنية التحتية وغياب خطط الطوارئ.
لقد أوكلنا لهاتين الشركتين مسؤولية إدارة هذا المجال الحيوي، وكان عليهما أن ترسما استراتيجية واضحة للبدائل، تضمن استمرارية التزويد في كل الظروف. لكن ما نعيشه اليوم أثبت بشكل قاطع أنهما يتخبطان من أزمة إلى أخرى، ويحاولان فقط إطفاء الحرائق اليومية بدل وضع رؤية طويلة المدى، لتقديم خدمات أثبت الواقع أنهما غير قادرين على توفيرها بالشكل المطلوب.
إن غياب احتياط استراتيجي للتزويد بالماء أو الكهرباء يزيد من خطورة الوضع، إذ إن أي خلل في المنظومة الحالية – سواء كان مقصودًا عبر التخريب أو الهجمات، أو غير مقصود نتيجة الأعطال والكوارث – قد يسبب أزمة حقيقية تهدد الاستقرار الوطني. فالاحتياط الاستراتيجي يعني امتلاك خزانات مياه ضخمة تكفي لأسابيع، وربط المدن بمصادر متعددة للمياه، إضافة إلى إنشاء محطات تحلية أو معالجة متنقلة للطوارئ. وفي مجال الكهرباء، يشمل ذلك محطات إنتاج احتياطية، وربط الشبكة الوطنية بدول الجوار، وتوسيع إنتاج الطاقة المتجددة، مع أنظمة تخزين للطاقة لتغطية أي نقص مفاجئ.
كيف يشكل ذلك تهديدًا للأمن القومي؟
لأن الأمن القومي لا يقتصر على حماية الحدود من التهديدات العسكرية، بل يشمل حماية المجتمع من الانهيارات الداخلية. انقطاع الكهرباء أو الماء لفترات طويلة يمكن أن يشل مؤسسات الدولة الحيوية، ويوقف عجلة الاقتصاد، ويعرض حياة المواطنين للخطر، ويفتح المجال أمام اضطرابات اجتماعية واسعة قد تستغلها أطراف داخلية أو خارجية لزعزعة الاستقرار. فالدولة التي تفقد قدرتها على تزويد شعبها بهاتين المادتين الأساسية تفقد أحد أعمدة قوتها وسيادتها.
إن الأمن المائي والكهربائي ليس رفاهية، بل هو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية، وأي دولة لا تستطيع تأمين هاتين المادتين لشعبها بشكل مستقر ودائم تضع نفسها في مهب أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية قد تعصف باستقرارها. وهذا بالضبط هو ما يعني تهديد الأمن القومي.
